إسراء قاعود.. المبادرات تنتشلُ الفتيات من صعوبات النزوح وحياة الخيم

تبدو حياة النزوح صعبة، ليست سهلة ولا تُلبي شيئًا من نمط الحياة الطبيعي بالنسبة للناس، ويزيدُ هذا الوضع على النساء والفتيات بشكلٍ أكبر من غيرهنّ من الفئات، ما يدفعُ الكثيرات للمحاولة دائمًا واختراق جدار النزوح والمُعاناة، وصولًا لحالٍ أفضل.

إسراء قاعود، 25 عامًا، واحدة من الفتيات اللواتي يُحاولن دائمًا، ويسعين بشكلٍ مُستمر لكسر نمط النزوح الذي يُفرض على الفتيات، إذ تنطلقُ إلى المُبادرات المُجتمعية، والمساهمة في تنفيذ العديد من الأنشطة بعيدًا عن قيود الخيمة، من غسيلٍ وجلي وتنظيف وغيرها.

كانت إسراء تعيش في منطقة الكرامة شمال مدينة غزّة، قبل أن تنزح إلى مدينة دير البلح، حيث تعيش في “مُخيّم النور”، مع عائلتها والعديد من العائلات النازحة من شمال القطاع إثر الحرب الإسرائيلية المُدمّرة التي طالت لأكثر من سنة إلى الآن، وهي لم تحصل على فُرص عمل سابقة، سوى مساهمتها المُجتمعية مع مؤسسات المُجتمع المدني في غزّة.

تتحدّث إسراء عن حياة النزوح قائلةً “الحياة صعبة وليست سهلة لا على الصعيد الشخصي ولا صعيد العمل في ظل التوتر وانعدام الأمان الموجود، ولكن هناك أيضًا حب للعمل الذي يلبي ويخدم الفئات الهشة في المجتمع وبالأخص الأطفال والنساء”.

هناك الكثير من العقبات التي تواجهني كوني نازحة ومتواجدة داخل مخيم وأعيش دخل خيمة، لكن ما زال لدي الأمل بأنني قادرة على العطاء رغم محدودية الفرص والموارد وغيرها.

إسراء قاعود

تعتبرُ إسراء مشاركتها في المُبادرات المُجتمعية، فُرصة مهمة لتطوير شخصيتها، وزيادة ثقتها بنفسها، لتجعل لديها القُدرة في التعامل مع مختلف الفئات، باختلاف الأعمار وتنوع الثقافات، كما أنّه فُرصة لإشباع الشغف لديها في معرفة المزيد حول الأشياء الموجودة بالمجتمع، كونها مهمة لأنها تخدم المجتمع بطريقة أو بأخرى من خلال تدخلات تنعكس على نفسية الأفراد بشكلٍ إيجابي، فتقول “هذا يشعرني بالمسؤولية المجتمعية في خدمة المجتمع”.

الحكواتي

مُبادرة الحكواتي، التي نفّذها شباب المُنتدى الاجتماعي التنموي، واحدة من المُبادرات التي ساهمت إسراء فيها بفعالية كبيرة. ساهمت إسراء في تنشيط الأطفال، بواسطة الترفيه الحُر، الذي استهدف الأطفال من اللعب والأغاني والحركات والألعاب الحُرة الفردية.

الهدف كان تفريغ أكبر قدر من المُعاناة التي يعيشها الأطفال في مخيمات النزوح ومراكز الإيواء، بعيدًا عن أعمالهم اليوميّة التي فُرضت عليهم خلال الحرب من تعبئة المياه والانشغال في جلب الطعام من التكيات وغيره، وكان هدفي استعادة ما قد نسيه الأطفال، ولو بجزءٍ بسيط من حقهم في اللعب.

بهذه الكلمات، تصفُ إسراء مشاركتها في المُبادرة.

دفعت ردود فعل الأطفال وتفاعلهم المميّز مع المبادرة، إسراء إلى الاستمرار في المشاركة فيها، لتتطوّع كمنشّطة للأطفال في كُل لقاءات المُبادرة وفعالياتها، رفقة زميلها محمد أبو سعدة، ومع مجموعة مميّزة من الشباب المُشاركين، من شبكة الشباب.

تقول إسراء عن هذه الأجواء “أكثر شيء كنت أحبّه، عندما يأتي الأطفال لي ويسألوني بدكم ترجعولنا؟ بدنا تكونوا دايمًا عنا. احنا بننبسط معكم“. عدا عن انطباعات وردود أفعال الناس، التي كانت تُشعر إسراء والفريق بالحُب والفخر، مهما كان ما يُقدمونه بسيطًا، إلا أنه يُحدث فارقًا.

وعادةً ما كانت تبدأ المُبادرة بسلسلة من التنشيط البسيط والخفيف للأطفال، قبل بدء الحكواتي بسرد حكايتها، ورواية القصة للأطفال، حيث يسودُ هدوءٌ غير طبيعي في المكان، يذهبُ بالأطفال نحو عالمٍ خيالي، من المتعة والمرح، والترقب لما ستؤولُ إليه القصّة.

تتشارك إسراء ومحمد والعديد من المنشطين والشباب، الأطفال في جوّ الترقب لما ستذهب إليه القصة من تشويقٍ ونتيجة، وتتفاعلُ معهم، لتشجّعهم على إبداء رأيهم بالأسئلة التي تطرحها الحكواتي فيما بعد، وصولًا إلى النهاية، قبل العودة إلى فقرات التنشيط والمرح والغناء.

مسؤولية مُجتمعية

تتحدّث إسراء عن الأجواء قائلةً “التفاعل جدًا جدًا رائع. كان هناك شغف لدى الأطفال وحماسٌ دائم منذ رؤيتهم دخولنا إلى مركز الإيواء، ومعنا السماعة والألعاب، حتى الانتهاء من العمل والتنشيط في المُبادرة”.

تتشارك الفتاة المُبادِرة، الأطفال في رأيهم حول اختيار الألعاب ومقترحاتهم عن الأغاني التي يودون سماعها والتفاعل معها، وهي تسعى بشكلٍ دقيق لمساعدة الأطفال، وسلامتهم وأمانهم خلال تنفيذ الأنشطة المُختلفة في الفعالية.

عن مُشاركتها وأسبابها، في هذه المبادرات والفعاليات المُجتمعية، تقول إسراء بشغف “يأتي ذلك من منطلق المسؤولة المُجتمعية، من مُنطلق حُب الأطفال والعمل معهم ومع مختلف فئات المُجتمع، خصوصًا في وقت الحرب”.

تُعجب إسراء كثيرًا بتفاعل الشباب المُشاركين في التطوع بالمبادرة، وترى هذه الفرصة مكمّلة لشغفها في دعم الأطفال واللعب معهم، فعندما يندمجُ المتطوعون مع الأطفال في مجموعة التنشيط، يكتملُ المشهد بالنسبة لها، ويبدو اليوم جميلًا لكُل من في المخيّم!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *