أماني عبد الرحمن.. قصة نزوح ومُعاناة لا تُرممها خيمة

دير البلح، المحافظة الوسطى، قطاع غزة

تعيش أماني عبد الرحمن في خيمة داخل أحد مخيّمات دير البلح وسط قطاع غزّة، في رحلة نزوحها التي بدأت مطلع شهر نوفمبر الماضي، حيث تنقّلت إلى أكثر من مكان، وصولًا إلى هذه الخيمة مطلع شهر مايو، بعد دخول القوات الإسرائيلية مدينة رفح الجنوبيّة في قطاع غزّة.

مع أماني، في حياتها داخل الخيمة، تعيش عائلتها الصغيرة، المكوّنة من ثلاثة أولاد، هُم: محمّد (12 عامًا)، وعصام (11 عامًا)، ووليد (7 أعوام)، وحماتها آمال (أُم أحمد)، التي فاقت الستين من العُمر، وتقاعدت عن عملها كمُعلمة في مدارس وكالة الغوث الدوليّة.

كانت حياة أماني مُختلفة قبل الحرب الإسرائيلية في 7 أكتوبر، وانقلبت لدرجةٍ كبيرة، غيّرت في شكل العائلة. استُشهد زوجها “أحمد عبد الرحمن”، الذي كان يُسعف المواطنين على طريق صلاح الدين، مع بداية إعلان الجيش الإسرائيلي نزوح الناس نحو جنوب القطاع في 13 أكتوبر 2023، ولم يبقَ بعد استشهادها، لها ولا لأولادها أيّ مصدر دخل أو سند.

نزحت أماني بداية الأمر، من بيتها في حي النصر، إلى بيت والدها في مخيم الشاطئ، لتمكث مع أسرتها هُناك نحو أكثر من شهر، قبل أن تهرب العائلة من هول القصف والقذائف، وتُقرر الانتقال إلى جنوب قطاع غزّة، تحديدًا إلى مدينة رفح، مع إمكانية توفّر مكان يأويهم هُناك، مع عددٍ من أهلها وأفراد أسرتها. وبعد بقائها في رفح لأكثر من سبعة أشهر، اضطرت للهرب من القصف فيها، وصولًا إلى دير البلح، التي اعتبرها الجيش الإسرائيلي “منطقةً إنسانية آمنة”.

في حياة النزوح، تعيش أماني وقتًا صعبًا، تزداد فيه المعاناة والمهام اليوميّة، حتى أن تربية الأطفال ورعايتهم تبدو أصعب وشاقّة أكثر. يبدأُ نهارها بتجهيز الطعام لأطفالها، قبل ذلك تنطلق نحو الحمّام المُشترك لأكثر من 15 عائلة نازحة في المكان، ما يتطلّب وقتًا من الانتظار قبل أن يصلَ دورها.

تقضي يومها في مهامَ مختلفة: تعبئة المياه وتجهيز الغالونات الخاصّة لذلك وتنظيفها، تجهيز الحطب لإشعال النار، والطبخ عليه، حيث تجلس لوقتٍ تُعاني أمامه خصوصًا في الحرّ الشديد، إضافةً لمهمة الجلي التي تتطلّب الجلوس على الأرض بشكلٍ مؤلم ومُتعب لمفاصلها وجسدها.

تشعر أماني كما كُل أفراد المُخيم، أن الوضع هُنا يتحسّن مع وجود أي مُساعدات إنسانية، فعندما وصلتها الشوادر التي قدّمها المنتدى الاجتماعي التنموي بالشراكة مع “ShelterBox“، استفادت منها في تأسيس خيمتها وتجهيزها، وإضافة المُعرش الذي يُساعد في تظليل المكان من حولها، كما أنّه ساعدها في تهيئة أرضية الخيمة التي تعيش فيها، كي تُصبح صالحةً للسكن بشكلٍ أفضل.

عدا عن ذلك، فقد ساهم استلامها للغالونات والفراش، في التخفيف عن عبء الحياة اليوميّة في المكان، حيث حصلت على غالونات تقوم بتعبئة المياه لها يوميًا، وتوفيرها هي وأطفالها، بالإضافة لكفاية الفراش الذي استلمته لكلّ أفراد الأسرة، دون نقص.

جعل كلّ ذلك من الأسرة، أكثر أمانًا، رغم الظروف الصعبة التي تعيش فيها، واضطرارها للعيش داخل خيمة، ما يجعل الوضع أصعب، لكنها ترى أن المساعدات التي تصل من خلال المنتدى الاجتماعي التنموي، فرصة لتسهيل الحياة والتخفيف من وطأتها، وهي تشعُر بالرضى عن ذلك.

رغم التفاوت في الأخبار المنتشرة عبر الانترنت وفي وسائل الإعلام، وانتظار النازحين الحارّ لقرار العودة إلى شمال قطاع غزّة، إلّا أن أماني لا تشعر بالأمل الكبير. تعيشُ كغيرها من النازحين، تفاؤلًا حذرًا، كما أنها تنتظر أيّ لحظةٍ يكونُ فيها عودة لقائها بأهلها وتجمّعهم على خير، واقعًا حقيقيًا. لكن الظروف المحيطة، لا تُبقي للأمل أيَ فرصة، كما تقول.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *