عماد جحا.. رحلة نزوح متكّررة تنتهي في دير البلح
يعيش عماد جُحا البالغ من العُمر 60 عامًا، في خيمة داخل مُخيّم البُخاري في مدينة دير البلح وسط قطاع غزّة، حيث تقطن في هذه الخيمة معه، أربعة عائلات، منها عائلات أشقائه ووالده وأقارب له. تضُمهم جميعًا، تأويهم من النزوح المُتكرر الذي عانوا منه.
هربَ جُحا مع عائلته، في رحلات النزوح، لأكثر من خمسة مرّات. المرّة الأولى انطلقت العائلة من بيتها الكائن قرب رمزون الطيران في مدينة غزة، وصو لًا إلى مخيم النصيرات أقصى شمال المنطقة الوُسطى. لكن الراحة لم تكُن هناك، رغم تسمية الاحتلال للمكان ب”منطقة آمنة”، فعادَ الخوف من جديد إليهم، لتهرب العائلة إلى خانيونس، ويستمرَ شبح الموت يُلاحقهم، ليعودوا إلى النصيرات مُجددًا.
لكن هذه العودة ليست دائمة بالنسبة لجُحا وعائلته، التي تتكوّن من أكثر من 16 شخصًا، تضمهم خيمة واحد الآن، فقد عادوا إلى دير البلح، بعد تهديد الاحتلال للمنطقة التي يعيشون فيها بُعيد عيد الفطر الماضي، لدخول المخيّم وتنفيذ عملية عسكرية فيه استمرّت لأكثر من أسبوعيْن آنذاك.
“جميعنا عاطلين عن العمل، لا أحد فينا يعمل ولا له أي راتب أو عائد مادي”، يقول جُحا في حديثه مع طاقم المُنتدى الاجتماعي التنموي، الذي كان يُشرف على عملية توزيع طرود الخضار والطرود الغذائية على النازحين في المُخيّم المذكور.
“والدي رب الأسرة يُعاني من جلطة، ولديَّ طفل مريض سُكر، لا يوجد له أنسولين. بحثت في كل المنطقة الوسطى، لكن إلى الآن لم أجده، قدّمت تقاريره الطبية إلى العديد من الجهات، وحتى اللحظة لم يكُن هناك أيّ تحرك”.
عماد جحا
ويُضيف في حديثه “في الأصل أنا من مدينة غزّة، أعيش بالقرب من رمزون الطيران. خرجت من غزّة بعد بداية النزوح والطلب منا الخروج إلى الجنوب بعدة أيام، بحدود الخامس عشر من أكتوبر. كان الوضع مأساوي جدًا، غادرنا إلى النصيرات، ثم خرجنا من هناك إلى خانيوينس، وعُدنا إلى النصيرات، لكن اضطررنا إلى للعودة إلى دير البلح بعد تدمير كلّ ما كنا نعيش فيه في النصيرات من قبل الاحتلال”.
يعمل جُحا في الأصل كسائق تاكسي في شوارع مدينة غزّة، التي دمّرها الاحتلال وأحالها رُكامًا. لكن حتّى هذا العمل البسيط، الذي كان يعتاش منه جحا وعائلته، انتهى وصارَ من الماضي، بعد أن دمّر الاحتلال سيارته خلال القصف والنزوح الأخير من مخيم النصيرات، ليقول “أخرجت السيارة من تحت الأنقاض في ظروف صعبة، وفقدت فرصة عملي”.
وعن تفاصيل النزوح الأخير الذي جاء بهم إلى دير البلح قال “ضربوا جامع، أغلق علينا المربع وخرجنا من تحت الأنقاض.. تبهدلنا واضطررنا للهرب”.
يُمسك جحا الطرد الغذائي الذي استلمه من المنتدى الاجتماعي التنموي، بحضور ممثلي مؤسسة التعاون، الشريكة في مشروع توزيع الخضار، وعلامات الارتياح والفرح تبدو عليه، لكن هذا الفرح وقتي، وسببه أنّ أسعار الخضار والمواد الغذائية في الأسواق باتت مرتفعةً جدًا ومُكلفة، ولا تقدر عليها أسرة بسيطة، بلا مُعيل وبلا عائد مادي.
ويتحدّث عماد جُحا، عن تعامل المتطوعين والمشرفين على آلية التوزيع قائلًا إن “تعامل الشباب كان محترم جدًا، وآلية التوزيع مختلفة، تحفظ كرامة المستفيدين، دون أيّ تصوير أو عمليات ابتزاز أو انتهاك لحقوق النازحين”.
يقف إلى جانب جُحا، ابنه أمير البالغ من العُمر 8 سنوات ونصف، الذي يُعاني من مرض السكري، ويقول إن هذا الطرد يبعث الأمل في نفوسهم، فهو على الأقل يُساعد العائلة لبعض الوقت.